الحجة عند التنازع في الكتاب والسنة .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله : الحجة في السُّـنَّة ، وفي قول من قال بها وعَلِمها ، لا في قول من جهلها وخالفها . اهـ .
والدعاء عند ختم القرآن تُرجى إجابته .
وقد كان أنس رضي الله عنه يقرأ القرآن فإذا أراد أن يختم جمع أهله ودعـا .
وورد ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعن جماعة من السلف .
إلاّ أن جَعْل الختمة في الصلاة بحيث يقرأ الإمام سورة الناس ثم يُتبعها بذلك الدعاء الذي يبدأ إما بالثناء على الله عزّ وَجَلّ ، وإما بقول : صدق الله العظيم ! مِن البِدَع .
وسئل شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم دعاء ختم القرآن في قيام الليل في شهر رمضان ؟
فأجاب :
لا أعلم في ختمة القرآن في قيام الليل في شهر رمضان سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة أيضا ، وغاية ما وَرَد في ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا . وهذا في غير الصلاة .
وللشيخ بكر أبو زيد رحمه الله كتاب بعنوان : جزء في مرويات دعاء ختم القرآن وَحكمه دَاخل الصَّلاة وخَارجها .
قال في آخره : الخـاتمـة : حاويةً خلاصة هذا الجزء ونتائجه الحكمية :
- قد صح من فعل أنس بن مالك رضي الله عنه: الدعاء عند ختم القرآن, وجمع أهله وولده لذلك, وأنه قد قفاه على ذلك جماعة من التابعين, كما في أثر مجاهد بن جبر, رحمهم الله تعالى أجمعين .
- لم يتحصل الوقوف على شيء في مشروعية ذلك في منصوص الإِمامين أبي حنيفة والشافعي, رحمهما الله تعالى.
- وأن المروي عن الإِمام مالك رحمه الله : أنه ليس من عمل الناس. وأن الختم ليس سنة للقيام في رمضان .
- أن استحباب الدعاء عقب الختم , هو في المروي عن الإِمام أحمد رحمه الله تعالى , كما ينقله علماؤنا الحنابلة , وقرره بعض متأخري المذاهب الثلاثة .
- ليس فيما تقدم من المروي حرف واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم , أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم , يفيد مشروعية الدعاء في الصلاة بعد الختم , قبل الركوع أو بعده , لإِمام أو منفرد .
وقرر رحمه الله : أن أمراً تعبدياً : وهو الدعاء في الصلاة لختم القرآن قبل الركوع أو بعده , من إمام أو منفرد – لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم - بل لم يُرْو فيه شيء – ولا عن صحابته , رضي الله عنهم ، ثم تُعمر به ((المحاريب)) بدعاء فيه ما هو متكلف مسجوع , غير مأثور , يشغل نحو ساعة من الزمان , يُتلى بصوت التلاوة وأدائها , وتحرير النغم فيه . يكون عَن ظهر قلب , أو في رسالةٍ ربما وصلت ثمانين صفحةً – أي تعدل تلاوة خمسة أجزاء من كتاب الله تعالى – مع رفع الأيدي , ومسح الوجه بهما بعد الفراغ , ويبكي مَنْ شاء الله مِنْ مأموم وإمام – أثابهم الله على حسن نيتهم – وقوارع التنْزيل, وآيات الذكر الحكيم , تُتلى في ليالي الشهر , بل على ممر العام , ولا تكاد تسمع ناشجاً ولا نابساً ببكاء من مأموم أو إمام ! والله تعالى يقوللَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ . . .) الآية ...
إن أمراً شأنه كذلك لا يتعبد به إلاَّ بنص ثابت في سنده ودلالته, والنص في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم , أو عن أحد من صحابته رضي الله عنهم لم يحصل بعد التتبع البالغ , وعدم وقوف الحفاظ الجامعين على شيء في ذلك كما تقدم ؛ يدل على عدم وجوده .
ورحم الله الإِمام أحمد , إذ في رواية عَبدوس عنه : أن الإِمام إن زاد حرفاً في دعاء القنوت على الوارد – فاقطع صلاتك ! فكيف بدعاء يستغرق نحو ساعةٍ من الزمان لم يرتبه النبي صلى الله عليه وسلم ولا شيئاً منه , لختم القرآن ؟
كما قرر الشيخ بكر رحمه الله : أن دعاء القارئ لختم القرآن خارج الصلاة , وحضور الدعاء في ذلك : أمر مأثور من عمل السلف الصالح من صدر هذه الأمة ...
وأن دعاء ختم القرآن في الصلاة , من إمام أو منفرد , قبل الركوع أو بعده, في ((التراويح)) أو غيرها : لا يُعرف وُرُود شيء فيه أصلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم , ولا عن أحد من صحابته مُسْنَدًا . وأن قاعدة العبادات : وقفها على النص ومَوْرده .